حوار مع الدكتورة أمل محمد المالكي
العميدة المؤسسة لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة
كيف تكيّفت الكلية مع الظروف التي فرضتها جائحة كوفيد-19 خلال العام الماضي، ولماذا من المهم العودة إلى قاعات الدراسة؟
عندما تفشت جائحة كوفيد-19 العام الماضي، انصب تركيزنا الأساسي بطبيعة الحال على صحة الجميع وسلامتهم، وأود أن أقول إنه في ظل هذه الظروف الصعبة واصلت جامعة حمد بن خليفة وكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية عملهما بشكل جيد للغاية، من أجل الحفاظ على تزويد طلابنا بنفس المستوى الرفيع من التعليم سواء في الجامعة عامة أو في كليتنا على وجه الخصوص. لا شك أن التكنولوجيا الفائقة فرضت نفسها بطريقة لم تحدث من قبل، وتكيّفنا جميعًا مع الوضع الجديد وعقدنا اجتماعاتنا وقدّمنا محاضراتنا عن بُعد عبر الاتصال المرئي. وأنا فخورة بشكل خاص بهيئة التدريس في كليتنا لتفانيهم في عملهم خلال تلك الفترة، وبالتأكيد فخورة كذلك بطلابنا الموهوبين والرائعين الذين أظهروا جميعًا قدرًا كبيرًا من الاجتهاد والشغف والحماسة وكانوا حريصين على مواصلة دراستهم الأكاديمية عبر منهجية التعلّم هذه.
ونحن نتطلع إلى الترحيب بطلابنا من جديد في قاعات المحاضرات بعد تحولهم السنة الماضية للدراسة عبر الإنترنت. فعلى الرغم من أن الدراسة عبر الإنترنت والتعلّم عن بُعد لهما مزاياهما، إلا أن التعلّم داخل القاعات الدراسية التقليدية يعد أمرًا ضروريًا لا غنى عنه، حيث تُثري التفاعلات الشخصية والوصول المباشر إلى موارد التكنولوجيا المتقدمة رحلة الطلاب بالكلية. فلا شيء يضاهي حضور الطلاب إلى قاعة الدراسة أو قاعة المحاضرات، حيث يمكن للأفكار والنقاشات أن تتدفق بشكل طبيعي أكثر عند تناول الموضوعات أو عند طرح الحجج والتصورات. وعندما ينظر أي منا للوراء ويتذكر رحلته التعليمية، يتبادر إلى ذهنه العديد من الذكريات التي حدثت له داخل الحرم الجامعي وفي قاعات الدراسة.
ما هي البرامج الرئيسية التي تقدّمها كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، وهل تُعد أي من تلك البرامج فريدة أو حصرية على مستوى المنطقة؟
نقدم في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية خمسة برامج أكاديمية، تتميز جميعها بالتفرد على مستوى دولة قطر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كل منها بطريقته الخاصة. فلدينا على سبيل المثال، برنامج الدكتوراه في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وهي أول درجة من نوعها في دولة قطر، وواحدة من درجات قلائل مماثلة على مستوى العالم. ويهدف هذا البرنامج إلى تزويد الطلاب بالأسس الفلسفية والتقنية التي تمكنهم من تصميم وتكييف برنامجهم متعدد التخصصات، ويتيح لهم البرنامج فرصة التخصص من خلال أطروحة التخرج. كما نقدم درجتي ماجستير في مجال الترجمة، وهو مجال مهم للغاية، وهما: ماجستير الآداب في دراسات الترجمة، وماجستير الآداب في الترجمة السمعية البصرية، وكلاهما يقدّمه معهد دراسات الترجمة التابع للكلية، وهذان البرنامجان حاصلان على اعتماد كلية الترجمة والترجمة الفورية في جامعة جنيف.
بالإضافة إلى ذلك، نقدّم برنامج ماجستير الآداب في دراسات المرأة في المجتمع والتنمية، وهو برنامج متعدد التخصصات، يُدرّس على مدار عامين، ويركز على قضايا المرأة في سياق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن الأدوار المتنوعة التي تضطلع بها المرأة في مسيرة تنمية وتقدم مجتمعاتها في المنطقة. كما تقدم الكلية أيضًا برنامج ماجستير الآداب في العلوم الإنسانية والمجتمعات الرقمية، وهو برنامج مدته سنتان، ويتيح الفرصة لطلابه لدراسة الثقافة الرقمية لمنطقة الشرق الأوسط من منظور علمي وتطبيقي.
ما هو دور كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في مواجهة التحديات الوطنية للدولة، وكيف تساهم العلوم الإنسانية والاجتماعية في التطور الاجتماعي بدولة قطر؟
منذ تأسيسها، تتبنى كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية رؤية شاملة تركز بشكل كامل على إثراء المجتمع في قطر وفي جميع أنحاء العالم، من خلال تجارب تعليمية تحويلية مبتكرة تجسر الهوة بين التخصصات المتنوعة، وتوفر للمجتمع الأكاديمي فرصًا للانخراط في البحوث المبتكرة والتأسيس لأوجه تعاون مشترك ومثمر.
وتنسجم رؤيتنا ورسالتنا وأنشطتنا بالكلية مع إحدى ركائز "رؤية قطر الوطنية 2030" وهي التنمية البشرية والاجتماعية. وتأتي الأسباب ذات البُعد الاجتماعي، مثل توفير فرص تعليمية متساوية وفرص للتطوير الشخصي والمهني وفرص وظيفية لجميع المواطنين، بغض النظر عن خلفيتهم التعليمية أو نوعهم الاجتماعي، على رأس أولوياتنا وفي لب كل ما نقوم به وندافع عنه.
وترجع قوة الكلية وتأثيرها ومسيرتها نحو العدالة الاجتماعية اليوم إلى تفاني أعضاء هيئة التدريس، والموظفين، والطلاب، والداعمين، والجهات المعنية، والشركاء، الذين يدعموننا ويساهمون معنا في تحقيق جميع نجاحاتنا. ونحن ملتزمون معًا بإحداث تأثير اجتماعي إيجابي محليًا وعالميًا من خلال برامج تعليمية وبحثية فريدة وتحويلية ومتعددة التخصصات.
إننا فخورون جدًا بالمساهمة في رعاية مجموعة متنوعة من المواطنين العالميين المسؤولين اجتماعيًا والمؤهلين أكاديميًا من خلال برامجنا ومناهجنا الاستثنائية والرائعة. كما نؤمن بصدق بأن تنوع خريجي كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية يسمح لهم بمعالجة تعقيدات وتحديات هذا العالم، وأنهم قادرين أن يصبحوا قادة الغد. وتحدونا جميعًا آمال كبيرة نحو مستقبل أفضل، سواء لدولة قطر أو للبلدان الأخرى. ويؤكد الواقع الذي يشهد على انخراط العديد من خريجينا في مجالات متنوعة مثل التعليم، والسياحة، والشؤون الخارجية، والإعلام، والاتصالات، وصناعة النفط والغاز، والقطاع المصرفي، والرعاية الصحية، على أهمية وإرث ما نتشرف بتقديمه لطلابنا في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية.